العجل الصيني..

العجل الصيني..
نشر الـيـوم الساعة 10:05
القصة يا سادة يا كرام بدأت عندما كنت أجمع معلومات عن أفضل قطع اللحمة في العجل، وبينما كنت أناقش الجزارين وأصحاب مهنة الجزارة، لم أقتنع بكل ما قالوه ربما لأنني لم أعد أثق بهم في موضع اللحمة على وجه الخصوص، فقد عقدت العزم على سؤال شخص قريب إلي، أثق به جيدا، وقد حدثني طويلاً عن اللحمة وأنواعها من العجل إلى الخروف مرورا بالحبش والدجاج والسمك، وقد نصحني بأن أشتري دائما اللحمة التي تكون في المقدمة، عارضا قدراته أمامي بأن العجل، لحمته الطرية تكمن في المقدمة وليست في المؤخرة، على كل الأحوال، أخذت بنصيحته وعزمت على أن أشتري اللحمة التي تكون في المقدمة، لأنها طرية ولذيذة ولا تسرف كثيرا في طبخها.



وبينما كنت أتجول في السوق، كان هناك بائع ينادي أربع عجول فقط بعشرة شواقل، فكرت طويلا وقد أعتقدت أن العجول بلاستيكية، وعندما اقتربت لأتحقق من الأمر وجدتها حقيقية، فقلت في نفسي، سأشتري عجل وهو بالتالي يصبح ب 2 ونصف من الشيقل، فاقتربت أكثر من البائع وقلت له أريد فقط عجل واحد.

قال لي: لا باس ولكن العجل الواحد بأربعة شواقل.

قلت له: لا مشكلة بأربعة شواقل عجل كامل، لا يوجد أفضل من ذلك.

ربطت العجل بحبل قوي وسرت وسار ورائي، وانا أقطع السوق الكل ينظر ألي بعجب شديد والبعض يضحك ضحكة شديدة وهو يشير لأصحابه إلي، لم أعتقد أن الأمر مهين إلى هذه الدرجة، ولكنني أكملت طريقي باتجاه مكتبي حيثما أعمل، وقبل أن أقترب من العمارة التي فيها المكتب، نظر ألي شيخ طاعن في السن وقال لي: بني هل العجل الذي تقوده للبيع، فقلت له: حاليا ليس للبيع، ولكن أذا أردت أن تشتري فبإمكانك أن تذهب إلى باب الزاوية فهناك تاجر كبير يبيع الأربع عجول فقط ب10 شواقل.

كأن الشيخ لم يعجبه كلامي، ذهب باتجاه باب الزاوية دون أن ينطق بكلمة، وأستمر كلما تقدم باتجاه باب الزاوية النظر إلي وهو يهز رأسه، وقد خايلته يقول: لا حول ولا قوة ألا بالله.

دخلت العمارة وبرفقتي العجل، أردت أن أصعد به عبر الدرج ولكنه رفض، فيبدوا انه مرفه ولا يحتم كثيرا التعب، طلب المصعد الكهربائي، وانتظرنا بضعة دقائق حتى جاء المصعد، كان به عدد كبير من الناس، وجميعهم نظروا إلي باستغراب وخرجوا من المصعد لكي يفسحوا لنا الطريق، صعدت به المصعد وقد طلبت الطابق المطلوب وأخذ المصعد يعبر الطوابق، وفي كل طابق كنا نقف وأرى في عيون العجل التذمر الشديد، وقد وصلنا أخيرا إلى الطابق المعني، وقد ربطت العجل خارج المكتب لكي أقوده بعد انتهاء الدوام إلى البيت، وقد قررت أن أتصل بقريبي الذي نصحني في البداية لكي يقوم بذبحه وتقطيعه لكي يصبح جاهزا للطهي ومن ثم للأكل، كان العجل يصدر أصوات خاصة به، لم أفهمها ولكن اعتقد انه بحاجة إلى الماء، فجلبت له الماء وشرب حتى روي، وبدأت المياه تسيل من أطراف فمه الكبير، رويت ما حصل معي لكل زملائي، وقد جاؤوا لكي يشاهدوا العجل وكانوا أيضا يضحكون، وانا لم أتفحص قط السبب الذي يدعوهم إلى الضحك.

انتهى الدوام وأنزلت العجل عبر المصعد وكانت أصوات ضحكات الناس في أذني، وصلنا إلى الطابق الأخير، ووقفت في الشارع، لكي تقلني سيارة إلى حيث أسكن، لم توافق أي سيارة على حملي، والسبب ليس في كبر حجم العجل، فالعجل كان صغيرا وقد أغريت بعضهم على أنني سأدفع لهم الكثير مقابل حملي إلى البيت، لم أفلح في أقناع أحد على حملي بسيارته، فاضطررت إلى السير به مشيا على الأقدام، ولأنني رجل ملتزم بمواعيدي، اتصلت بي زوجتي وقالت لي: أين أنت فقد تأخرت كثيرا؟.

قلت لها: لقد أحضرت معي مفاجأة وانا قادم في الطريق، أحتاج إلى ساعة أو أقل؟

لم تناقش زوجتي في الهدية أو المفاجأة لأنها تعرف أنها لن تحصل مني على أي معلومة ألا في الوقت المناسب، وصلت إلى البيت بعد عناء شديد وضحكات الناس من حولي في كل متر أقطعه، وحين اقتربت من البيت اتصلت بزوجتي لكي تنظر إلى المفاجأة من النافذة، ولما رأت العجل ضحكت كثيرا.

فقالت لي: كم اشتريت العجل؟.

قلت لها: بأربعة شواقل.

قالت لي: أصعد فقط "ضحكو عليك".

ألان عرفت أن العجل فيه مشكلة أو أن الموضوع فيه أنَ، دخلت إلى البيت وقلت لزوجتي ما حدث معي منذ اللحظة الأولى، فقالت لي أن العجل صيني، وأن ثمنه أقل من ذلك بكثير، قلت أقل من أربعة شواقل!، قالت لي: نعم، وناهيك عن ذلك، فان الناس لم يعودوا يأكلون اللحوم، وقد قوطعت فأصبحت بأرخص الاثمان دون أن ينظر إليها أحد.

حينها عرفت تماما كم كنت مغفلا عندما اقتربت من التاجر وكم كنت مغفلا عندما لم أسمع ما يقوله الناس، وكم كنت بعيدا عن الناس، معتقدا أن الفرصة أمامي وانا اغتنمتها.

إلى اللقاء في قصة عن تطور البندورة.

اخي كنعاني
قصة رائعة جدا
يسلمو ايديك

دمت بالف خير